وقال الحسنُ: {فَانْتَظِرُوا} مواعيدَ الشَّيطان فيما يغرُّكم ويمنِّيكم {إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ} لمواعيد اللَّهِ (١).
* * *
(٢١) - {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ}.
وقولُه تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ}: أي: إذا أعطينا المشركين خِصْبًا بعد جَدْب، ومَطرًا بعد قَحْط، وسَعةً بعدَ ضِيق، ندعوهم بذلك إلى الشُّكر.
وقوله تعالى: {إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا}: {إِذَا}: كلمةُ مفاجأة؛ أي: ظهرَ منهم مكرٌ في آياتِنا؛ أي: حملَهم الطُّغيان على إخفاء قصد السُّوء بآياتِنا، بأن تصوَّروا أعلام الدُّعاء إلى الشُّكر منهم بغير صورتها، وتغييرها (٢) عن وجهِها، ويقولون: هذا شيءٌ جاءَنا باستحقاقِنا، وهو كقوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ} الأعراف: ١٣١، وكقوله: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} فصلت: ٥٠.
وقوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا}: أي: هو استدراجٌ منه لهم مِن حيثُ لا يعلمون، وإملاءٌ لهم، وهو أسرعُ مِن فعلِهم، فلا حاجةَ للَّهِ في إمضائِه إلى تلبُّثٍ.
ويحتملُ أنْ يكونَ معناه: يستعينون بنعمةِ اللَّهِ على الاحتيال على المؤمنين، والإنفاقِ في ابتغاء الغوائل لهم، فيوقِفُ اللَّهُ تعالى نبيَّه على ذلك؛ قال تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} إلى قوله {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ} الأنفال: ٣٠.
(١) ذكره الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (٤/ ٤٧٧)، والثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٢٦).
(٢) قوله: "وتغييرها" كذا في (ر) و (ف)، وغير واضحة في (أ).