وقيل: أي: قادرون على أخذِ ما فيها مِنَ النَّبات والحبِّ والثَّمر، وعلى التَّنزُّهِ بزهرتِها، والانتفاعِ بوجوهِ منافعِها.
وقوله تعالى: {أَتَاهَا أَمْرُنَا}: وهو ما يرسلُه عليها مِن عذابٍ يستأصل نباتَها، مِن بردٍ أو ريحٍ أو صاعقةٍ أو نحو ذلك.
قوله تعالى: {لَيْلًا}: أي: باللَّيل {أَوْ نَهَارًا}؛ أي: بالنَّهار {فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا}؛ أي: مقطوعًا ساقطًا {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ}؛ أي: لم تكنْ على تلكَ الصِّفة فيما قبلُ. وقد غَنِيَ بالمكان: إذا أقام به، من حدِّ عَلِم.
وقوله تعالى: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ}؛ أي: فكما بيَّنا هذا المثل نبيِّن سائرَ الآيات {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}؛ أي: هم المنتفعون بها.
وقال الإمام الزَّاهد أبو منصور رحمه اللَّه: قيل: ضرب مثل الحياة الدُّنيا بالزَّرع مِن وجوهٍ:
أحدها: إنَّه يخبرُ عن سرعةِ زوالِها وانقطاعِها، كالنَّبات الَّذي يتسارع إلى الزَّوال والانقطاع بالآفة.
والثَّاني: إنَّه يخبرُ عن تغيُّرها (١) وانقلابِ أمرِها، كالنَّبات الَّذي يتغيَّر في أدنى مدَّة.
والثَّالث: إنَّه ذكر مسرَّة صاحب الدُّنيا وابتهاجَه بالحياة الدُّنيا كما يكون ذلكَ لصاحبِ الزَّرع به، ثم يكون ما ذكر.
والرَّابع: أنَّ معناه: مَثَلُ الحياة الدُّنيا للحياة الدُّنيا فيما ينفقون (٢) فيها، مثَلُ
(١) في (ر) و (ف): "تقلبها".
(٢) في (أ): "ينتفعون".