كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ} يونس: ٢٩، فإذا فعل اللَّه تعالى بهم ذلك صاروا كذلك، ويكون معناه: {إِلَّا أَنْ يُهْدَى}؛ أي: يجعلَهم اللَّهُ بحيث يهتدون إذا هُدُوا، ويجيبون إذا دُعوا (١).
وقوله تعالى: {فَمَا لَكُمْ}: استفهامٌ بمعنى التَّوبيخ {كَيْفَ تَحْكُمُونَ}: كذلك.
وقيل: معناه: كيف تقضون بالجَوْر، وصَرْف العبادة والشُّكر إلى مَن لا يملكُ شيئًا.
* * *
(٣٦) - {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}.
وقوله تعالى: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا}: أخبرَ بالسَّبب الَّذي صاروا به إلى الضَّلال، فقالَ: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا}؛ أي: بغير دليل، نحو اقتدائِهم بأسلافِهم ظنًّا منهم أنَّهم مصيبون.
وقوله تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}: لا ينفعُ في معرفةِ الحقِّ نفعًا مّا؛ أي: لا يدلُّ عليه، ولا يوجبه.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}: مِن الشِّرك، واتِّباع الظَّنِّ، وترك الحقِّ، فهو يجازيهم على ذلك، وهو وعيدٌ لهم.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: قال بعضُهم: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا}: هم كبراؤهم، يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} الزمر: ٣، وقولهم: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} يونس: ١٨.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٤١).