وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: بَرِحَ (١) الخفاءُ، وكُشِفَ الغِطاءُ، فلا المحسنُ بجُرمِ المسيءِ مُعاقَب، ولا المسيءُ بحُكمِ المحسِنِ مخاطَب، بل كلٌّ بما يعملُه مُحاسَب (٢).
* * *
(٤٢) - {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ}.
وقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ}؛ أي: للرَّدِّ، لا للفهم، و (مِن): اسمُ جنسٍ، فصلح للجمع بمعناه.
وقوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ}: استفهام بمعنى الجحد؛ أي: لسْتَ بقادرٍ على إفهامِ مَن يتصامَم عن سماعِ الحقِّ، فلا يعقلُه ولا يفهمُه.
* * *
(٤٣) - {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ}.
وقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ}: وحَّدَ الفعل لأَنَّه واحد في اللَّفظ، وإن كان جمعًا في المعنى للجنس.
وقوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ}: أي: كما ليس لك أنْ تُسْمِعَ الصُّمَّ، فتجعلَ لهم أسماعًا يعقلون بها عنك ما تقول، فليسَ لك أن تهدِي العُمْيَ إلى طريقٍ يسلكونَه وهم لا يبصرون، وهو كقوله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الآية القصص: ٥٦.
= في "تفسيره" (١٢/ ١٨٥)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٩٥٤)، عن ابن زيد.
(١) أي: زال.
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٩٧).