ولأهل التفسير في هذا (١) ستةُ أقاويلَ:
قال بعضهم: إقامةُ الصلاة: أداؤها؛ فإنَّ قول المؤذِّن: قد قامت الصلاة، معناه: أَخذوا في أدائها، وقيامُ الشيء: وجودُه، وإقامتُه من العبد: تحصيله.
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: إقامتُها: إتمامُ ركوعها وسجودها وما يجب فيها، وهو في معنى التقويم؛ أي: التسويةِ، فلا يُدخل نقصًا في شيءٍ من أفعالها وأركانها، ولا خلَلًا في فرائضها وواجباتها وسُنَنها وآدابها.
وقيل: إقامتُها: إدامتُها وإظهارُها، قال الشاعر:
أقامت غزالةُ سوقَ الضِّراب... لأهل العراقينِ حولًا قميطًا (٢)
أي: أدامت امرأةُ شبيبٍ الخارجيِّ أمرَ الحرب وضرب السيوف حولًا تامًّا، ومنه قولُه تعالى: {إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} آل عمران: ٧٥؛ أي: مُواظِبًا على التَّقاضي.
والرابع: قول ابن كيسانَ: {وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ}؛ أي: يقيمون بالصلاة برهانَهم على صدق دعواهم في الإيمان بالغيب.
والخامس: قول بعضهم: إقامتُها: مراعاةُ حقوقها (٣) وشرائطِها؛ أي: شرائطِ الجواز والقبول (٤)، وشرائطُ الجواز: ستةٌ قبل الشروع وستةٌ بعده، وهي معروفة، وشرائطُ القبول: ستةٌ بالظاهر وستةٌ (٥) بالباطن:
(١) في (ف): "فيه".
(٢) البيت لأيمن بن خريم كما في "شرح القصائد السبع الطوال" لابن الأنباري (ص: ٥٢١)، ودون نسبة في "غريب القرآن" لابن قتيبة (ص: ٣١)، و"الكشاف" (١/ ٤٠).
(٣) في (أ): "حدودها".
(٤) في (ر): "وشرائط القبول".
(٥) في (أ): "ست" هنا وفي المواضع الثلاثة المتقدمة.