على إحسانه، والمسيءُ على إساءتِه، فلا يُنقَصُ مِن ثوابٍ ولا يُزادُ على عِقابٍ {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.
ثمَّ قوله: {وَأَسَرُّوا} {وَقُضِيَ} ماضٍ ومعناه المستقبل؛ لأنَّه مِن أمور الآخرة، لكنَّها كائنةٌ لا محالة، فلذلك ذكرَه بصيغة التَّحقيق.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: أي: لا يُقبَلُ منهم صَرْفٌ ولا عَدْلٌ، ولا يقعُ فيما سبقَ مِن الوعيدِ خُلْفٌ، ولا تنفعُهم نَدامةٌ وإنْ صدَّقوها، ولا ينالهم كرامةٌ وإنْ طلبوها، ولا يجري عليهم ظلمٌ في الجزاء، كلَّا، بل هو اللَّهُ العَدْلُ في القضاء، والفَرْدُ في العَلاء، بنعت الكبرياء (١).
* * *
(٥٥) - {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}.
وقوله تعالى: {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: أي: ليسَ للظَّالم مُلْكُ ما في الأرض ليفتديَ به، بل للَّهِ.
ووجهٌ آخر: أنَّه قادرٌ على تحقيقِ ما أَوعدَ به؛ لأنَّه مالكُ ما في السَّماوات وما في الأرض.
وقوله تعالى: {أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ}: أي: كائنٌ، بالرَّحمة كانَ أو بالعذاب.
وقوله تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}: قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه:
أي: لا ينتفعون بعلومِهم.
ويحتمل: لا يكتسبون سببَ العلمِ بالتَّامُّل والنَّظر في الأدلَّة.
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ١٠١).