وقرأ الباقون بغيرِ مَدٍّ (١)، وعلى هذا: {مَا جِئْتُمْ بِهِ} بمعنى: الَّذي جئتم به، وهو مبتدأ، و {السِّحْرُ} خبرُه، ومعناه: هذا هو السِّحر الَّذي أضفتُموه إليَّ.
ومعنى قراءة المد: تجيئون بالسِّحر تقصدون به معارضةَ المعجزة، وهو إنكارٌ عليهم.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ}: أي: يجعله مغلوبًا {إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}:
قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: أي: لا يجعلهم بأعمالهم الفاسدة صالحين، أو: لا يجعل أعمالَهم الفاسدة صالحةً (٢).
* * *
(٨٢) - {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}.
وقوله تعالى: {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ}: قال الإمامُ أبو منصورٍ رحمَه اللَّهُ: الحقُّ حَقٌّ وإن لم يَحِقّ، والباطلُ باطلٌ وإنْ لم يَبطل، وقد قال تعالى: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ} الأنفال: ٨، ولكن معناه: ليجعل الحقَّ في الابتداء حقًّا، فيصير حقًّا، ويجعل الباطل في الابتداء باطلًا، فيكون باطلًا؛ أي: بإبطاله الباطل يكون باطلًا، وبتحقيقه الحقَّ يكون حقًّا.
وقوله تعالى: {بِكَلِمَاتِهِ}؛ أي: برسالات رسلِه؛ إذ بهم يظهر الحقُّ من الباطل، وهم حُجَجُ اللَّه في الأرض، وبالحُجَجِ يظهرُ الحقُّ مِن الباطل.
ويحتمل: بآياتِه الَّتي أَنزلَ عليه بها ظهورَ الحقِّ وبُطْلانَ السِّحر.
(١) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (١/ ٣٢٨)، و"التيسير" للداني (ص: ١٢٣).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٧٤).