ويحتمِلُ قولَه: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ} إلى قولِه: {مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا} الأنعام: ١١١.
وحاصلُه: أنَّ مَن علمَ اللَّهُ منه اختيارَ الكُفْرِ وإصرارَه عليه شاء له الكُفْرَ فلا يؤمِنُ أبدًا (١).
وقوله تعالى: {حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} عندَ البأسِ فيؤمنون به، ولا ينفعُهم، أو في القيامة فلا يُقبَل منهم.
* * *
(٩٨) - {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}.
وقوله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ} الآية: أي: فهلَّا، وهو تحريضٌ، و {قَرْيَةٌ}؛ أي: أهلُ قرية؛ أي: فهلَّا آمنَ أهلُ قريةٍ مِن الَّذين عُوجِلوا بالعذاب، فكان ينفعهم إيمانهم ويُقبَل منهم، وهاهنا مُضمَر: ولم يؤمنوا فضرَّهم كفرُهم {إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ}.
{لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}: والخزيُ: الهوانُ الَّذي يفضحُ صاحبَه.
وقال الحسنُ: لم يكن ذلك فيما خلا -أنْ يؤمِنَ أهلُ قرية بأسرها حتَّى لا يشذَّ أحدٌ منهم- إلَّا قوم يونس؛ أي: فهلَّا كانت القُرى كلُّها هكذا.
وقوله تعالى: {وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}: أي: إلى حضورِ آجالِهم.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٦/ ٨٥).