{مِنَ الْأَحْزَابِ}: أي: الفرق والأصناف، وهم اليهود والنَّصارى والمجوس والمشركون.
{فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ}: أي: إن لم يُسلمْ.
{فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ}: أي: شكٍّ {إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ}: لا يقصدون التماسَ الحقِّ، فيكونَ همُّهُم التَّصديقَ بما قامَتْ به دلائلُه.
وقال الإمام القشيريُّ رحمَه اللَّه: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ} البيِّنةُ لأقوامٍ برهانُ العلمِ، ولأقوامٍ بيانُ الحقيقة على القطع والجزم، يُشهدهم الحقُّ ما لم يُطْلِع عليه غيرَهم، فهو كما قيل:
ليلِي مِنْ وجهِكَ شمسُ الضَّحى... وإنَّما السُّدْفَة في الجوِّ
والنَّاس في الظُّلمة مِن ليلِهم... ونحنُ مِن وجهِكَ في الضَّوِّ (١)
* * *
(١٨) - {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}.
وقوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}: أي: لا أظلمُ على نفسِه وعقلِه ممَّنْ كَذَبَ على اللَّهِ، فنفَوا عنه كلامَه، وأضافوه إلى غيرِه.
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ١٢٩)، والبيتان ورد نحوهما في "لطائف الإشارات" (١/ ٥٦) برواية:
ليلي من وجهك شمس الضحى... وظلامه فى الناس ساري
والناس فى سدف الظلا... م ونحن في ضوء النهار