(٣٤) - {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}.
وقوله تعالى: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}: النُّصح نقيضُ الغش، وهو إمحاضُ إرادةِ الخيرِ في الدلالة.
وقيل: هو إعلامُ موضعِ الغيِّ ليُتَّقى، والرُّشدِ لِيُقْتَفَى (١).
يقول: نصحْتُكُم، ولكن لا ينفعُكُم نصحي إذا لم تقبلوه وأراد اللَّه إغواءَكم، هو اللَّهُ ربُّكم؛ أي: مدبِّركم ومُقِيمكم في الدُّنيا إلى وقت إهلاكِكم، ثمَّ إليه تُرجَعون فيحاسبُكم ويجازيكم.
* * *
(٣٥) - {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ}.
وقوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ}: قال مقاتلٌ: هذا كلامٌ اعترضَ في قصَّة نوح سلام اللَّه عليه، والمعنى: أم يقول أهلُ مكَّة: افترى محمَّدٌ القرآنَ؛ أي: اختلقَه مِن تلقاء نفسِه، قل يا محمَّد: إنْ اختلقْتُه فعليَّ جزاءُ جرمي، وأنا بريء ممَّا تجرمون أنتم. ثم رجعَ إلى قصَّة نوحٍ عليه السَّلام (٢).
وقيل: تقديرُه وتلفيقُه: أفيؤمِنُ أهلُ مكَّة بما أخبرْتَهم يا محمَّدُ مِن قصَّة
(١) في (ر): "ليتبع"، وسقطت من (ف).
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٢٨١).