وقيل: لَمَّا كانت هائلةً طويلةً عريضةً واسعةً، ولا ماء هناك يحمِل مثلَها، كانوا يتضاحكون ويتعجَّبون من عملِها، فقال نوحُ: {إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ}.
قال الزَّجَّاج: أي: إنْ تستجهلونا فإنَّا نستجهِلُكم (١).
وقيل: {إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا} في الدُّنيا {فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ} في الآخرة {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} إذا نزل بكم العذاب.
وقيل: فإنَّا نُظهرُ (٢) عاقبة هذا العمل بما تعملون إذا نزلَ بكم العذاب.
وقيل: إنَّا كنَّا نسخرُ منكم إذْ نكتُمُكم حقيقةَ عملِنا، ولا نكشِفُ لكم عمَّا يُراد بكم منه.
قال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: أعدَّ (٣) نوحٌ عليه السَّلام السَّفينة في سنَتَين، وكانت مِن السَّاج، فجعل لها ثلاثةَ أبواب، بعضها أسفلَ من بعض، وجعل لها ثلاثة بطون، فجعل في البطن الأسفل الوحوش والسِّباع، وجعل في البطن الأوسط الأنعام والدَّواب، وركب هو ومَن معه البطن الأعلى مع ما يحتاجُ إليه مِن الزَّاد (٤).
وقال مقاتلٌ: وحمل معه جسدَ آدمَ، وجعلَه معترضًا بينَ الرِّجال والنِّساء (٥).
(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٣/ ٥٠).
(٢) في (أ): "نظهر منكم".
(٣) في (ر) و (ف): "اتخذ".
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٦٦)، والبغوي في "تفسيره" (٤/ ١٧٤).
(٥) قطعة من خبر رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (١/ ٤٢)، ومن طريقه الطبري في "تاريخه" (١/ ١١٥)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٦٢/ ٢٤٦)، من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.