ومنها: الإيجازُ مِن غير إخلال.
ومنها: سياق القصَّة في أوجز خطبة.
إلى غير ذلك ممَّا دلَّ عليه هذا الكلام مِن الحُسْن العجيب واللُّطْف البديع.
وقال الضَّحَّاك: مطرَتِ السَّماءُ أربعين يومًا اللَّيل والنَّهار، وخرج ماء الأرض أربعين يومًا، فارتفع الماءُ على كلِّ جبل خمسة عشر ذراعًا، وسارَتْ بهم السَّفينةُ، وطافَتْ بهم في الأرضِ كلِّها ستَّة أشهرٍ لا تستقرُّ على شيءٍ، حتَّى أتَتِ الحرَمَ وطافَتْ أسبوعًا، ورُفِع البيت الَّذي بناه آدم إلى السَّماء السَّادسة، وهو البيت المعمور (١).
وقال قتادة: بعثَ نوحٌ عليه السَّلام الغرابَ لينظرَ، فوجد جيفةً فوقعَ عليها، فبعثَ الحمامة فأتَتْه بورق الزَّيتون، فأُعْطِيَتِ الطَّوْقَ في عنقِها والخضابَ في رجلها (٢).
* * *
(٤٥) - {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ}.
وقول اللَّه تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ}: أي: دعا اللَّهَ تعالى فقال: ربِّ؛ إنَّ ابني مِن أهلي، وقد وعدتني إنجاءَ أهلي، ووعدُك الصِّدق لا خُلْفَ فيه، وأنت الحاكمُ بالعَدْل لا يشوبُ حكمَكَ زللٌ
(١) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (١/ ٤٢)، والطبري في "تاريخه" (١/ ١١٥)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٦٢/ ٢٤٦) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.
(٢) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (١٢٠١)، والطبري في "تفسيره" (١٢/ ٤٢٣).