وقال الحسن: أي: مشويٍّ (١).
وقال ابن عرفة: مشويٍّ بالرِّضاف. والرَّضيف: الحجرُ المحمَّى، وهو (فعيل) بمعنى مفعول، وقد حنذَه؛ أي: شواه تحتَ الأرض بالحجارة المحمَّاة.
وقيل: هو السَّمين الَّذي يسيل منه الوَدكُ (٢).
ومعنى {فَمَا لَبِثَ}؛ أي: فما مكَثَ؛ إذ كان عندَه طعامٌ مُعَدٌّ للأضيافِ كلَّ يوم، أو عجَّل تقديم الطَّعام، فأمرَ بذبحِ عجلٍ وحنَّذه، وجعل قرب المدَّة بسبب التَّعجيل كعدم اللَّبْث مبالغةً مجازًا.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: فيه دليلٌ على أنَّ الأدبَ إذا نزل الضَّيف هو تقديمُ الطَّعام قبلَ المحادثة والمساءَلَة، ولو كان إبراهيم عليه السلام اشتغلَ بذلك عرف أنَّهم ملائكةٌ، فلم يشتغلْ باتِّخاذ الطَّعام (٣).
* * *
(٧٠) - {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ}.
وقوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ}: أي: لمَّا رآهم لم يمدُّوا أيديَهم إلى الطَّعام للأكل {نَكِرَهُمْ}؛ أي: أنكرهم، يقال: نَكَر وأنْكَر واستَنْكَر، قال الأعشى:
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٢/ ٤٧٠) عن سفيان.
(٢) الودك: دسم اللحم. انظر: "الصحاح" للجوهري (مادة: ودك).
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ١٥٤).