(٨٥) - {وَيَاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}.
وقوله تعالى: {وَيَاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ}: أي: أتمُّوها بالعَدْلِ.
أعاد الأمر بالإتمام بعد تقديم النَّهي عن ضدِّه، وهو كقولك: صِلْ قرابَتْك ولا تقطَعْها، فيكون الجمعُ بينَ الأمر والنَّهيُ عن ضدِّه دليلًا على تأكُّد وجوبه.
{وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ}: أي: ولا تنقصوا النَّاس ما استحقُّوه عليكم بالعقود.
{وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}: العِثِيُّ: المبالغةُ في الإفسادِ، من حدِّ عَلِمَ.
وجعلَ هذه المعاملةَ إفسادًا في الأرض لأنَّه تبديلُ حكمِ الدِّين، واللَّهُ تعالى أصلحَ الأرضَ بالأمرِ بالمعاملات الَّتي إذا عملوا بها اعتدلَتْ أحوالُهُم، وزالَ التَّظالم عنهم، فمَن غيَّر هذا فقد أفسد.
* * *
(٨٦) - {بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ}.
وقوله تعالى: {بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ}: أي: ما يبقيْهِ اللَّهُ تعالى لكم بعدَ إيفائِكُم حقوقَ النَّاس بالقِسْط في الكيل والوزن أحمدُ عاقبةً، وأكثرُ بركةً ممَّا تبقونه لأنفسِكُم مِن فضلِ الخيانة.
وقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}: قيل: هو متَّصل بقوله تعالى: {أَوْفُوا. . . وَلَا تَبْخَسُوا. . . إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.