ما حنَّتِ النِّيْبُ (١)، وما أطَّتْ (٢) الإبل، وما أورق الشَّجر، وما أينع الثَّمرُ، وما جنَّ ليلٌ، وما سالَ سيلٌ، وما طرَقَ طارقٌ، وما نطَقَ ناطقٌ.
قوله تعالى: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ}: قيل: الاستثناءُ يرجعُ إلى الموحِّدين منهم؛ لأنَّ الأشقياءَ صنفان (٣)؛ كفَّار مخلَّدون فيها، وموحِّدون مذنبون مُخرَجون (٤) منها بعدَ مدَّة.
قال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ}؛ أي: مَن كان منهم مِن أهل القِبلَةِ، فإذا أرادَ اللَّهُ تعالى أخرجَهم (٥).
وقال قتادة: إنَّ قومًا يصيبُهم سَفْعٌ مِن نارٍ بذنوبٍ اقترفوها، ثمَّ يخرجهم اللَّه تعالى منها (٦).
وقال ابن كيسان: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} في الفريقَيْن مِن تعميرِهم في الدُّنيا قبلَ مصيرِهم إلى الجنَّة والنَّار (٧).
وقال الزَّجَّاجُ: في هذه الآية أربعةُ أقوال؛ قولان لأهل اللُّغة الكوفيِّين والبصريِّين، وقولان لأهل المعاني، فأمَّا أحد قولَي أهل اللُّغة:
فهو أنَّ {إِلَّا} هاهنا بمعنى: سوى؛ كما يُقال في الكلام: ما كان معنا رجلٌ إلَّا
(١) النيب: جمع ناب، وهي المسنَّة من النُّوق. انظر: "الصحاح" (مادة: نيب).
(٢) الأطيط: هو صوت الرحل والإبل من ثقل أحمالها. انظر: "الصحاح" (مادة: أطط).
(٣) في (ر) و (ف): "لأن الأشقياء صنفين"، وفي (أ): "كان الأشقياء صنفين".
(٤) في (أ) و (ف): "يخلدون. . . يخرجون".
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٨٩).
(٦) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢/ ١٩٨)، والطبري في "تفسيره" (١٢/ ٥٧٩).
(٧) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٩٠)، والواحدي في "البسيط" (١١/ ٥٥٩).