وهذا تسليةٌ للنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، يقول: يا محمَّد؛ اختُلِفَ فيما أُنْزِلَ عليك (١)، فلا يشقَّنَّ عليك، فقد اختُلِفَ فيما أُنْزِلَ على مَن قبلَكَ.
وقوله تعالى: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ}: أي: قولٌ سبقَ منه؛ لأنَّه لا يعاجلُهم بالعذاب، بل يمهلُهم إلى أنْ يبلغَ الكتابُ أجلَه.
وقوله تعالى: {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ}: أي: بالعذاب المستأصِل.
وقال الإمام أبو منصور رحمة اللَّه عليه: ويحتمِل: ولولا أنَّه كان مِن حُكمِه أنَّهم إذا اختلفوا في الكتاب والدِّين، وصاروا بحيث لا يهتدون إلى شيء، أنْ يبعثَ رسولًا يبيِّنُ لهم الدِّين، ويدعوهم إلى الهدى {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} بالهلاك (٢).
ثمَّ قوله: {بَيْنَهُمْ} يجوز أن يكون في كفَّار عصر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويحتمل أن يكون في قومِ موسى عليه السَّلام.
وقوله تعالى: {وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ}: أي: مِن العذاب.
وقيل: من الدِّين؛ لأنَّهم يقلِّدون آباءهم.
و {مُرِيبٍ}: نعت {شَكٍّ}، وهو الموجبُ اتِّهام الرَّأي فيه (٣).
* * *
(١١١) - {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.
وقوله تعالى: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ} فيه أربع قراءات:
قرأ ابنُ كثير ونافع بتخفيفهما.
(١) في (ف): "إليك".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ١٩٠).
(٣) في (ف): "وهو المخيب اتهام الرأي فيهم".