وقال ابن عبَّاس والضَّحَّاك ومجاهد وقتادة: وللرَّحمة خلقَهم؛ يعني: الذين رحمَهم (١).
قال الحسن: وللاختلاف خلقَهم (٢)، وبه قال مقاتل بن حيَّان ويمان بن رئاب وعطاء (٣).
قال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اعْمَلوا فكلٌّ ميسَّرٌ لِمَا خُلِقَ له" (٤).
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: ولو شاءَ الحقُّ لجعلَهم أربابَ الوِفاق ثمَّ لم يوجبوا لمملكتِه زينًا، ولو شاءَ لجعلَهم أربابَ الخلاف ثمَّ لم يوجبوا لجلالِه شينًا.
{وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} لأنَّه كذلكَ أرادَ بهم {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} في سابقِ حكمِه، فعصمَه عن الخلافِ في حاصلِ عمرِهِ.
{وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} كلًّا لِمَا أقامَهم به ونصبَهم له وأثبتَهم فيه؛ مِن وفاقٍ وشقاق، وجحودٍ وتوحيد.
{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ}؛ أي: لا تبديلَ لقولِه، ولا تحويلَ لحكمِه (٥).
* * *
(١٢٠) - {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}.
(١) رواه عنهم الطبري في "تفسيره" (١٢/ ٦٣٩ - ٦٤٠).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٢/ ٦٣٧)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ٢٠٩٦).
(٣) ذكره عنهم الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٩٤)، والواحدي في "تفسيره" (١١/ ٥٨٩).
(٤) رواه البخاري (٧٥٥١)، ومسلم (٢٦٤٩) من حديث عمران بن حصين رضي اللَّه عنه.
(٥) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ١٦٣).