(٨) - {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}.
وقوله تعالى: {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ}: اللَّام بمعنى القسم؛ أي: قالوا: إنَّ يوسفَ حقًّا وأخاه لأمِّه وهو (١) بنيامين {أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ}؛ أي: جماعةٌ يتعصَّب بعضنا لبعضٍ، وكانوا عشرة، والعربُ تطلق هذا الاسم على العشرة إلى الأربعين؛ أي: نحن جماعةٌ لا نعجزُ بالاحتيال عليه ليخلوَ لنا وجه أبينا، فيعاملَنا (٢) بالمحبَّة والتعطُّف، فلماذا لا نحتال لذلك؟
وقوله تعالى: {إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}: أي: خطأ بيِّنٍ بإيثارِ اثنين على عشرةٍ مع استوائهم في كونهم أولادًا له، ومع اقتدار العشرة على الاحتيال على واحدٍ (٣).
وأيضًا هو في غلطٍ في تدبير أمر الدُّنيا؛ إذ نحن أنفعُ له مِن يوسف وبنيامين، لأنَّا نقوم في أمواله ومواشيه.
وأيضًا لو أنعمَ النَّظر لم يأمنْ سوءَ عاقبة هذا الاختيار لتحاسد الأقارب، وهذا عدولٌ منه عن طريق الرَّأي في استصلاح الأولاد.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: فيه دلالةٌ أنَّه لا بأسَ للرَّجل أن يخصَّ بعضَ ولدِه بالعطف عليه والميل إذا كان فيه معنًى ليس ذلك في غيره، فلهذا قال أصحابنا رحمهم اللَّه: لا بأسَ بالرَّجل أن يخصَّ بعض ولده بالهبة له إذا لم يقصدِ الجورَ على غيره من الأولاد، وخصَّه لمعنًى أوجبَ ذلك؛ كما فعلَه أبو بكرٍ بعائشةَ رضي اللَّه عنهما، حيثُ نحلَها جذاذ عشرين وسقًا بالعالية (٤).
(١) "لأمِّه وهو" ليس في (ف).
(٢) في (أ): "فيعمنا".
(٣) من هنا سقط في (أ) ورقة كاملة.
(٤) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (٤/ ٧٥٢)، وعبد الرزاق في "المصنف" (١٦٥٠٧)، وابن أبي =