(١٢) - {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.
وقوله تعالى: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ}: قرأ ابنُ كثيرٍ: بفتح النُّون وكسر العين: {يَرْتَعْ} من ارْتَعَيْتُ (١)، وقرأ نافع بالياء فيهما وجزم العين، وأجمعوا على جزم: {وَنَلْعَبُ} (٢).
قالوا: ابعثْهُ معنا إلى الصَّحراء غدًا، نأكل جميعًا ما يكون فيها بكثرةٍ وسعةٍ، ونلعبُ فيها جميعًا، وذلك في اللَّعب المباح الَّذي قد يفعله الكبارُ مع الصِّغار، خصوصًا إذا كانوا إخوةً لا يحتشمُ بعضٌ مِن بعضٍ.
ويجوز أن يكون ذلك اللَّعب هو ما ذُكِرَ بعدَه من الاستباق، في قولهم: {ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ}؛ أي: نرتمي بالقسيِّ والسِّهام.
وقيل: نستبقُ بالأقدام، وكلُّ ذلك مباحٌ في الشَّرع.
قال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس من اللَّهوِ مباحٌ إلَّا ثلاثةٌ؛ ملاعبةُ الرَّجلِ أهلَه، ورميُه عن قوسِه، وتأديبُه فرسَه" (٣).
وقال عليه السلام: "ستكونُ لكم فتوحٌ، فلا يعجزنَّ أحدُكُمْ أنْ يلهوَ بقوسِهِ وأسهمِهِ" (٤).
(١) وكسَر البزي عنه العين من غير ياء، واختلف عن قنبل في إثبات الياء وحذفها.
(٢) وملخص ما فيهما: الكوفيُّون ونافع {يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} بالياءِ فيهما والباقون بالنُّون، وكسر نافع وابن كثير العين من {يَرْتَعْ} وجزمها الباقون. والخلاف عن ابن كثير على ما ذكرنا. انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٣٤٥)، و"التيسير" للداني (ص: ١٢٨ و ١٣١)، و"النشر" (٢/ ٢٩٣ و ٢٩٧).
(٣) رواه أبو داود (٢٥١٣)، والترمذي (١٦٣٧)، والنسائي (٣٥٧٨)، وابن ماجه (٢٨١١)، من حديث عقبة بن عامر رضي اللَّه عنه. وقال الترمذي: حديث حسن.
(٤) روى نحوه مسلم (١٩١٨) من حديث عقبة بن عامر رضي اللَّه عنه.