وكان رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يسابِقُ عائشةَ على الأقدامِ (١).
ومَن قرأ {نرتعْ} بتسكين العين؛ فهو مِن رتَعَ يرتَعُ رُتوعًا، ومَنْ قرأَ بالكسرِ؛ فهو مِن ارْتَعَى يَرْتَعِي ارْتعاءً، وهما في المعنى واحدٌ.
ومَن قرأ بياء المغايبة فيهما فقد جعل الفعلَ ليوسفَ يسرحُ (٢) ويتقلَّبُ في الصَّحراءِ ويلعبُ لعبَ الصِّبيان وحدَه.
{وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}: في حين لعبِه مِن أنْ ينالَه سواءٌ، أو يتعثَّر، أو يطوفَ بحيث ينالُه ما (٣) يُخافُ عليه مِن الوحوشِ أو الهوامِّ.
وقال الإمامُ القشيريُّ رحمه اللَّه: أطمَعوا يعقوبَ في تمكينهم يوسفَ ممَّا فيه فرحُه (٤) من اللَّعب وراحتُه، فطابَتْ نفسُهُ بإذهابِهِم إياه من عنده (٥)، وإنْ كانَ يشُقُّ عليه فراقُه (٦)، ولكنَّ المحبَّ يُؤْثرُ راحةَ محبوبِه على مشقَّتِه (٧).
ولمَّا ركنَ يعقوبُ إلى قولِهم: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} أُتِيَ مِن قِبلِهم، حتَّى قالوا: {وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ}، كذلكَ يكونُ مَنْ سلَّم حبيبَه إلى أعدائِه غصَّ بتحسِّي بلائِهِ (٨).
(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢٤١١٨)، وأبو داود (٢٥٧٨)، وابن ماجه (١٩٧٩)، من حديث عائشة رضي اللَّه عنها.
(٢) في (ف): "يتفرج".
(٣) "يناله ما" من (ف).
(٤) في (أ): "بما فيه تفرح يوسف"، وفي (ف): "مما فيه يفرح يوسف". وعبارة "اللطائف": "بما فيه راحة نفس في اللعب".
(٥) في (ر): "بإذهابه معهم". وفي "اللطائف": "لإذهابهم إياه من بين يديه".
(٦) "فراقه" ليس في (أ). وجملة: "وإنْ كانَ يشُقُّ عليه فراقُه" ليست في "اللطائف".
(٧) في (أ): "على مشقة يوسف". وفي "اللطائف": "على محبة نفسه".
(٨) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ١٧٢).