على قُلَّة جبل ويوسف في بطنِ الوادي، وقد أحاطَتْ به عشرةُ ذئابٍ يريدون قتلَه، فأردْتُ النُّزولَ لأنقذَه فلم أجدْ إلى ذلك سبيلًا، فبينا أنا كذلك انشقَّتِ الأرضُ فسقطَ يوسفُ فيها، فهالني ذلك، فاستيقظْتُ فإذا يوسفُ في حجري، فقلْتُ: الحمدُ للَّهِ.
قال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: فالجبلُ حالُ يعقوبَ، والذِّئابُ إخوةُ يوسفَ، وانشقاقُ الأرضِ وقوعُه في غيابةِ الجُبِّ.
فقيل لابن عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: وهل كان يعلمُ يعقوبُ تأويلَ الرُّؤيا؟ قال: نعم.
قالوا: فلِمَ أرسلَه معهم؟ قال: أما سمعْتُم: إذا جاء القدرُ (١) عميَ البصرُ (٢)؟!
* * *
(١٥) - {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}.
وقوله تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ}: وهاهنا محذوفٌ؛ أي: فأرسلَ يعقوبُ يوسفَ عليهما السلام، فلمَّا ذهبوا به.
روي أنَّ إبليسَ -لعنَه اللَّهُ- أتاهم، فقال وهو في صورة شيخ، وكانوا يدبِّرون ذلك في الشِّتاء: ليسَ هذا وقتَ الخروجِ به إلى الصَّحراء، فامكثُوا حتَّى يجيءَ الرَّبيع، فقولوا للأبِ: طابَ الزَّمانُ وتزيَّنَتِ الصَّحراءُ، ويوسفُ في البيت لا يَرى ما نَرى،
(١) في (ف) و (أ): "القضاء".
(٢) لم أجده عن ابن عباس، وروى نحوه أبو سعيد الواعظ في مقدمة كتاب "منتخب الكلام في تفسير الأحلام" (ص: ٢٩٤) من طريق عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن وهب بن منبه. وعبد المنعم بن إدريس قال عنه أحمد بن حنبل كما في "الميزان": كان يكذب على وهب بن منبه، وقال البخاري: ذاهب الحديث. وقال ابن حبان: يضع الحديث على أبيه وعلى غيره.