{وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} قيل: أي: المشترون لمَّا خافوا ذهابَ الثَّمن إن كان مسروقًا (١).
وقال الإمامُ القُشيريُّ رحمه اللَّه: ليس العجبُ ممَّن يبيعُ يوسفَ بثمنٍ بخسٍ، إنَّما العجبُ ممَّن يجدُ مثلَ يوسفَ بثمنٍ بخسٍ، والحرمانُ لا غايةَ له، والبَختُ لا نهايةَ له.
قال: ويقالُ: ليسَ العجبُ ممَّن يبيعُ يوسفَ بثمنٍ بخسٍ، العجبُ ممَّن يبيعُ وقتَه -الَّذي هو أعزُّ من الكبريتِ الأحمرِ- بعَرَضٍ حقيرٍ من الدُّنيا.
قال: ويقال: إنَّ السَّيَّارة لم يعرفوا قيمَته وزهدوا في شرائِه بثمنٍ بخسٍ، والَّذين وقفوا على جماله وشيءٍ من حاله غالَوا بمصرَ في ثمنِه حتَّى اشترَوه (٢) بزنتِه دراهمَ ودنانيرَ مرَّات، وفي معناه أنشدوا:
إنْ كنْتُ عندَكَ يا مولايَ مطَّرَحًا... فعندَ غيركَ محمولٌ على الحَدَقِ (٣)
* * *
(٢١) - {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
وقوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٢٢١).
(٢) في (ر): "شروه".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ١٧٥)، والبيت لأبي طالب محمد بن علي بن عبد اللَّه المعروف بالبغدادي المستوفي. كما في "يتيمة الدهر" للثعالبي (٥/ ٢٨٨).