{مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ}؛ أي: العلاماتِ الدَّالَّات على براءةِ يوسفَ وصدقِ مقالتِه؛ مِن قدِّ القميص مِن دُبُرٍ، ومِن كلامِ الطِّفل وشهادتِه ببراءته، وممَّا بيَّنَ مِن الاستدلال، ونحوِ ذلك.
{لَيَسْجُنُنَّهُ}: أي: حلفوا ليسجُنُنَّة {حَتَّى حِينٍ}؛ أي: زمانٍ يتقادمُ العهدُ فيُنسَى هذا الحديث فينقطعُ.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: لمَّا سجنَ العزيزُ يوسفَ مع ظهور براءَتِه اتِّقاءً على امرأته أنْ يُنتَهكَ سترُها؛ حوَّلَ اللَّهُ تعالى ملكَهُ (١) إليه، ثمَّ في آخر الأمرِ جعلَها امرأتَه، وذلك جزاءُ الصَّابرين (٢).
* * *
(٣٦) - {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}.
وقوله تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ}: أي: عَبْدانِ للمَلِكِ.
وقال الزَّجَّاجُ: كانوا يسمُّون المملوكَ في ذلك الزَّمان -شيخًا كان أو شابًّا-: فتًى (٣).
أي: أمضوا رأيَهم في سَجنِه فسجنوه {وَدَخَلَ مَعَهُ}؛ أي: بعدَه بزمانٍ، و (مع) كلمةُ قِرانٍ، وأرادَ به اجتماعَهم في السِّجنِ، لا اقترانهم في الدُّخول.
وكان الفَتَيان أحدُهما طبَّاخُ الملكِ واسمه مجلث، والآخر ساقٍ واسمه بونا.
(١) بعدها في (أ): "وملكه"، وليست في "اللطائف" لكن لها وجه.
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ١٨٤).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٣/ ١٠٩).