ثم معنى المذكورِ في هذه الآيةِ: إن الذين ستَروا الإيمانَ بالكفر، والتوحيدَ بالشرك، والحقَّ بالباطل، والنعمةَ بالكفران، وخبرَ اللَّه بالتكذيب، ورسالةَ الرسل بالجحود، وأمورَ القيامة بالإنكار.
واختلفوا في المرادِينَ بالآية:
قال ابنُ عباس رضي اللَّه عنهما: هم اليهودُ الذين حول المدينة (١).
وقال الرَّبيعُ بن أنسٍ: هم قادةُ الأحزاب (٢).
وقال الطبريُّ: هم مشركو أهلِ الكتاب كلُّهم (٣).
ويجيءُ بيانُ هذه الأقاويلِ وأقاويلَ أُخَرَ بعد تمامِ (٤) الآيةِ إنْ شاء اللَّه تعالى.
وقوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ}: أي: مستوٍ عندهم الإنذارُ وتركُه، فهو مصدرٌ أُريدَ به النعتُ؛ كقولك: رجلٌ عدلٌ؛ أي: عادلٌ؛ لأن الفَعَال من أبنية المصادر كالذَّهَاب والصَّلاح والفساد، ويجوز أن يكون بناءَ النعت أيضًا كقولك: سيفٌ كَهَامٌ (٥)، وأَديمٌ صَحَاحٌ، ورجل شَحاح (٦).
وهذه الكلمة ذكرت في القرآن لمعانٍ:
للعدل: في قوله تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ} آل عمران: ٦٤؛ أي: عدلٍ.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١/ ٢٥٨).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١/ ٢٥٩).
(٣) انظر: "تفسير الطبري" (١/ ٢٥٩).
(٤) في (ف): "ختام".
(٥) أي: كليل لا يقطع.
(٦) في (أ): "شجاع"، وهو خطأ، ورجل شحاح؛ أي: شحيح.