عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} الطور: ١٦، وأَخبر عنهم أنهم يقولون: {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ} إبراهيم: ٢١ فلمَّا كان الوعظُ وتركُه لهم سواءً، وكذا الإنذارُ وتركُه سواءً، كان صبرُهم في النار وتركُه سواءً، وجزعُهم فيها وتركُه سواءً.
وأنت إذا كان عصيانُك في الشباب والشَّيبِ سواءً، وتمادِيكَ في الصحة والمرضِ سواءً، وإعراضُك في النعمة والمحنة سواءً، وقسوتُك على القريب والبعيد سواءً، وزَيغُك في السرِّ والعلانيَة سواءً، أفمَا تخشى أن تكون توبتُك عند الموت وإصرارُك سواءً، وعذرُك عند النَّزْع وسكوتُك سواءً، وزيارةُ الصالحين قبرَك وامتناعُهم سواءً، وقيامُ الشُّفعاء بأمرك في القيامة وتركُهم سواءً؟
وقوله تعالى: {أَأَنْذَرْتَهُمْ} الألف التي تزادُ في أول الكلمة على صورةِ ألفِ الاستفهام تجيءُ على ثمانيةِ أوجُهٍ:
للاستخبار: كما في قوله تعالى: {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا} الأنبياء: ٦٢.
وللاستنكار: كما في قوله تعالى: {أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} الأعراف: ٢٨.
وللإثبات: كما في قوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} الأعراف: ١٧٢.
وللنفي: كما في قوله تعالى {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ} النازعات: ٢٧.
وللأمر: كما في قوله: {أَلَا تَتَّقُونَ} (١) الشعراء: ١٠٦.
وللنهي: كما في قوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ} البقرة: ٤٤.
وللتحقيق: كما في قوله تعالى: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} البقرة: ٣٠، هو تحقيقٌ عند بعضهم.
(١) في (ف): " {أَفَلَا تَتَّقُونَ} ".