قوله تعالى: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا}: يوسف وأخويه بنيامين ويهوذا.
{إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ}: بحالي وبوجدي وبصبري، وبصدقكم وكذبكم، وهو {الْحَكِيمُ} فيما يدبِّرُه في أمور عبادِه، فليس يدبِّرُ أمري إلَّا بما هو صلاحٌ لي، ونفعٌ في دنياي وديني، فأنا مسلِّمٌ لتدبيرِهِ.
وقيل: المؤمنُ المحقِّقُ كلَّما ازدادَ بلاءً ازدادَ رجاءً.
وقال الإمامُ القشيريُّ رحمه اللَّه: لَمَّا وعدَ مِن نفسِه الصَّبرَ الجميلَ لم يمضِ عليه يومُه حتَّى قال: {يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ}؛ ليعلم أنَّ عزمَ الأحبابِ على الصَّبرِ منقوضٌ غيرُ محفوظٍ (١).
* * *
(٨٤) - {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ}.
وقوله تعالى: {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ}: قالوا: كان يعقوبُ صلوات اللَّه عليه في حال توجُّهِه إلى الأولادِ يفقدُ في كلِّ سفرٍ منهم ولدًا، فلمَّا تولى عنهم وجدَ المفقودين كلَّهم؛ ليعلمَ العبدُ أنَّ في توجُّهِه إلى الخلقِ قطعَ نفعِ الخلق، وفي التَّوجُّه إلى اللَّه تعالى الوصولُ إلى كلِّ شيءٍ.
يقول: أعرضَ عن بنيه وأقبلَ على بثِّ نفسِهِ {وَقَالَ يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ}: قال الحسن وقتادة والضَّحاك: يا حُزْناه (٢).
وقال مجاهد: يا جَزَعاه (٣).
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ١٩٩).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٢٩٤ - ٢٩٥) عن قتادة والضحاك.
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٢٩٤).