وقيل: إنَّهم قالوا له: اكتب إليه بشيءٍ، فأمر فكتبَ إليه:
بسم اللَّه، هذا كتابٌ من يعقوبَ إسرائيل اللَّه بن إسحاق ذبيح اللَّه بن إبراهيم خليل اللَّه إلى ملك مصر عبد اللَّه.
أمَّا بعد: فإنَّا أهلُ بيتٍ مُوكَّلٌ بنا أسباب البلاء، أمَّا جدِّي إبراهيم فأُلقي في النَّار فصبرَ لأمر اللَّه، وأمَّا عمِّي إسماعيل فابتُلِيَ بالغربة في صغرِه فصبرَ لأمر اللَّه، وأمَّا أبي إسحاق فابتُلِيَ بالذَّبح فصبر لأمر اللَّه (١)، وأمَّا أنا فأضعفُهم ركنًا وأقلُّهم حيلةً وأعظمُهم مصيبةً، بكيْتُ على فراق ولدي يوسف حتَّى عميَ بصري، والَّذي أخذْتَهُ سارقًا فليس بسارقٍ، واللَّهِ ما ولدْتُ سارقًا، فامنُنْ عليَّ بردِّه، وخلِّ سبيلَه، واحذرْ دعوةَ المظلوم، والسَّلام.
وقوله تعالى: {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ}: أي: رحمةِ اللَّه، وقيل: أي: مِن ترويح اللَّه؛ أي: تفريح اللَّه (٢) من الحزن.
{إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ}: أي: من تفريج اللَّه عن المكروبين {إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}: الَّذين لا يعرفون قدرةَ اللَّه على ما يشاء.
ثمَّ إنَّهم توجَّهوا إلى مصر، فلمَّا انتهوا إليها دخلوا عليه، وذلك قوله تعالى:
* * *
(٨٨) - {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ}.
{فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ}: أي: أصابَنا ونساءَنا وأولادَنا الضِّيقُ والقَحطُ.
(١) الصحيح المقطوع به عند العلماء أن الذبيح هو إسماعيل عليه السلام.
(٢) "أي تفريح اللَّه" من (أ).