وقال له بنوه: يا أبانا، إنَّا نخافُ أنْ يحقِدَ علينا يوسفُ بما صنَعْنا به بعدَكَ، فاستوهِبْ لنا ذلكَ منه، وأوصِهِ بنا.
قال يعقوبُ: يوسفُ يا بنيَّ، هبْ لي فعلةَ إخوتِكَ بك، ولا تحقدها عليهم، فقال يوسفُ: يا أبتاه، قد عفوْتُ عنهم، ووهبتُهم لك.
وأوصى يعقوبُ يوسفَ إذا هو ماتَ أن يحملَ جسدَه حتَّى يُقبَرَ معَ أبوَيْهِ إبراهيمَ وإسحاقَ في الأرض المقدَّسة، فحملَه يوسفُ على عجلةٍ، وفعلَ الَّذي أمرَهُ به، ورجعَ إلى مصرَ.
قال وهبٌ: ويُقال: إنَّه ماتَ هو وأخوه عيص في يومٍ واحدٍ، وقُبِرا في موضعٍ واحدٍ، وكان عُمرُهما مئة سنةٍ وأربعًا (١) وأربعين سنة.
* * *
(١٠١) - {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}.
فلمَّا جمعَ اللَّهُ سبحانَه ليوسفَ شملَه، وأقرَّ عينَه، وأتمَّ له أمورَ رُؤياه، تمنَّى الموتَ، ودعا ربَّه، وذلك قوله تعالى: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ}: الأظهرُ أنَّه مُلْكَ مِصرَ.
وقيل: هو مُلْكُ الجَمالِ (٢).
وقيل: هو مُلْكُ النَّسَبِ، فهو الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم؛ يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
(١) "وأربعًا" ليس في (أ).
(٢) في (أ): "الكمال".