السَّماء، فكذا أنت، فلا يهولنَّك قولُهم: {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} الأنعام: ٨ ونحوَ ذلك؛ فإنَّهم يجهلون سبيلَ النُّبوَّات.
ولا عذرَ لهم في تكذيبك وإنْ كنْتَ بشرًا، كما لم يكن للَّذين كانوا من قبلِك في تكذيب رسلِهم، بل كان عاقبتُهم البوارَ والدَّمار.
وقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ}: أي: ولدارُ الحياةِ الآخرةِ، أو لدارُ النَّشأةِ الآخرةِ خيرٌ {لِلَّذِينَ اتَّقَوْا} الشِّركَ والمعاصي.
{أَفَلَا تَعْقِلُونَ}: أي: أفما لهؤلاء المشركين عقولٌ يتدَّبرون بها هذه الحُجَج والمواعظ، فينجوا من الهلاك.
وقيل: معنى {أَهْلِ الْقُرَى}: أهل الأمصار دون البوادي؛ لأنَّهم أعلمُ وأحلمُ (١).
وقال الحسنُ: لم يبعثِ اللَّهُ نبيًّا من أهل البادية قطُّ، ولا مِن الجنِّ، ولا مِن النِّساء (٢).
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: إنَّما بُعِثَ الرُّسلُ مِن الأمصارِ لا مِن البوادي؛ لأنَّ أهلَ الأمصار لهم اختلاط بأصناف النَّاس وتجاربٌ، فهم أعقلُ وأعلمُ، وأهلُ البوادي لهم اختلاطٌ بالبهائم فهم عن العلم أبعدُ.
ولأنَّ الرُّسل لهم أعلام تتقدَّم على وقت الرِّسالة، تحتاج إلى أن يَظهرَ (٣) ذلك
(١) في (ف): "وأحكم".
(٢) ذكره الجصاص في "أحكام القرآن" (٣/ ٢٣٢)، والماوردي في "تفسيره" (٣/ ٨٨)، والواحدي في "البسيط" (١٢/ ٢٦٤)، والبغوي في "تفسيره" (٤/ ٢٨٥).
(٣) في (ر) و (ف): "إلى تظهير".