وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما في رواية وسعيد بن جبير ومجاهد والضَّحَّاك: الهادي هو اللَّه تعالى، وقال: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} وأنا الهادي دونَك (١).
نظيرُه قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} القصص: ٥٦.
وقال الحسين بن الفضل: فيه تقديمٌ وتأخيرٌ، والمرادُ: إنَّما أنت منذرٌ وهادٍ لكلِّ قوم (٢).
* * *
(٨) - {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ}.
وقوله تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى}: يَنتظِمُ بقولِه: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ} الرعد: ٢، وبقوله: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ} الرعد: ٣.
ووجهٌ آخرُ: أنَّه خطاب للمتعجِّلين، وتعريفٌ لهم أنَّ اللَّهَ لا يدعُ حكمتَه باستعجالِهم، ولا يخفى عليه وجهُ الصَّلاح، فإنَّه الَّذي يعلمُ ما تحملُ كلُّ أنثى: أذكرٌ هو أم أنثى؟ أبيضُ أم أسودُ؟ واحدٌ أو أكثرُ؟ ناقصٌ أم تامٌّ؟
{وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ}: أي: ما تنقصُ، غاضَ يغيضُ، لازمٌ ومتعدٍّ، وكذلك غاضَ الماءُ وغاضَه اللَّه؛ أي: غار، وأغاره (٣) اللَّه، قال تعالى: {وَغِيضَ الْمَاءُ} هود: ٤٤.
(١) رواه عنهم الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٤٣٩ - ٤٤٠).
(٢) ذكره الواحدي في "البسيط" (١٢/ ٢٩٩).
(٣) في النسخ: "وأغار"، والصواب المثبت.