ومدبِّرُها، وذلك شهادةٌ منها للَّهِ تعالى بالقدرةِ والسُّلطان والوحدانيَّة، وخضوعٌ منها له، وهو السُّجود.
ومِنَ السُّجود كَرهًا معنى سجود الكافرِ للَّهِ إذا نزلَ به ضرٌّ ألجأتْهُ الحاجة إلى أنْ يتواضعَ للَّهِ ويسجدَ له، يدعوه بها لحاجتِه بها.
* * *
(١٦) - {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}.
وقوله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: أي: قلْ للمشركِيْنَ السَّاجدِيْنَ للَّهِ كَرْهًا دلالةَ الخلقَةِ: {مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}؛ أي: مالكهما ومدبِّرُهما، وكانوا مقرِّين (١) بأنَّ ربَّ السَّماوات والأرض هو اللَّه؛ أي: سَلْهُم عن هذا، فيقولون: اللَّه، فحذفَ جوابَهم لدلالَةِ الكلامِ عليه؛ لأنَّهم كانوا مقرِّيْنَ بذلك، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} لقمان: ٢٥.
وقوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ}: أي: وإذا قالوا: اللَّه، فقل أنت أيضًا: اللَّه، تقريرًا لهم، وتأكيدًا للاحتجاجِ عليهم.
وقوله تعالى: {قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا}: استفهامٌ بمعنى التَّوبيخ والتَّقريع؛ أي: قلْ لهم بعدَ هذا التَّقرير: فلِمَ اتَّخذْتُم مِن دونه أولياء تتولَّونهم وتعبدونهم وتوجِّهون الرَّغبة إليهم، وهم لا يملكون لأنفسِهم نفعًا يجلبونَه إليها، ولا ضرًّا يدفعونَه عنها، وإذا كان كذلك فهم مِن ملكَةٍ لكم أبعدُ.
(١) في (ف): "مقهورين مقرين".