وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: لا يستوي البصيرُ والضَّريرُ، والمقبولُ والمردودُ، والمؤهَّلُ للتَّقريبِ والمعرَّضُ للتَّعذيب، والَّذي أقصيناه عن شهودِنا والَّذي هديناه لوجودِنا (١).
* * *
(٢٠) - {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ}.
وقوله تعالى: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ}: له وجهان على الانتظام:
أحدهما: أنَّه نعتُ قوله: {أُولُو الْأَلْبَابِ}.
والثَّاني: أنَّ تقريره: هم الَّذين.
وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: الَّذين يقيمون على الشَّهادة ولا ينقضون ذلك (٢)؛ أي: لا يشركون باللَّه تعالى.
وقال مقاتلُ بنُ حيَّان: هو ميثاق ذريَّة آدم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} الأعراف: ١٧٢، {وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ} إذا بلغوا الحنثَ (٣).
وقيل: هو ميثاقُ أهلِ الإيمان وقَبول الأوامرِ والنَّواهي.
وقيل: هو ميثاقُ الخِلْقة، وقد مرَّ ذكرُها وذكرُ أقاويل أُخَر في أوَّل (سورة البقرة).
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: هو باستدامةِ العِرفان، وإيفاءِ شرائطِ الإحسان،
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٢٢٥).
(٢) ذكره الواحدي في "البسيط" (١٢/ ٣٣٨) بلفظ: (يريد: الذي عاهدهم عليه في صُلب آدم).
(٣) روى نحوه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (١/ ٧١) في تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ} البقرة: ٢٧، وهو مثل ما ذكره الواحدي عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما كما في التعليق السابق.