وقيل: هو التَّواصل في (١) الدِّين والتَّوالي عليه، ولا طاعةَ بعدَ الإيمانِ باللَّهِ تعالى أعظمُ ثوابًا مِن الحبِّ في اللَّه تعالى والبغضِ فيهِ.
وقوله تعالى: {وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ}: أي: في نقضِ الميثاقِ وقطيعةِ الرَّحم وكلِّ شيء.
{وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ}: أي: مناقشتَه، والمجازاةَ على كلِّ المعاصي بغيرِ عفوٍ.
وقال القشيريُّ رحمَه اللَّه: يصلونَ أنفاسَهم بعضَها ببعضٍ، فلا يتخلَّلُها نَفَسٌ لغيرِ اللَّهِ تعالى، ولا في شهودِ غيرِ اللَّه، ويصلونَ سيرَهم بسُراهم (٢) في إقامة العبوديَّة، والتَّبرِّي مِنَ الحولِ والقوَّة.
{وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ}: والخشيةُ لجامٌ يوقفُ المؤمنَ عن الرَّكض في ميادين الهوى، وزمامٌ يجرُّه إلى (٣) استدامة حكم التَّقوى.
{وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ}؛ أي: يبدو لهم مِن اللَّهِ ما لم يكونوا يحتسبون (٤).
* * *
(٢٢) - {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ}.
وقوله: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ}: أي: حبسوا أنفسَهم عمَّا لا يجوز.
وقيل: أي: تجرَّعوا مرارةَ منعِ النَّفس فيما تهواه.
(١) في (ف): "على".
(٢) في (ر) و (ف): "سرهم بسرائرهم".
(٣) في (أ): "مجرد أي" بدل من "يجره إلى".
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٢٢٦).