{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ}: قال مجاهدٌ: أي: نفعٌ قليلٌ ذاهبٌ (١).
وقال القشيريُّ رحمَه اللَّه: بسَطَ الرِّزقَ للأغنياء وطالبَهم بالشُّكر، وقبضَ عن الفقراءِ وطالبَهم بالصَّبر، ثمَّ وعدَ الزِّيادةَ للشَّاكرين، ووعدَ معيَّته للصَّابرين، فللأغنياء الأموال بمزيدِها، وللفقراءِ التَّجرُّد في الدَّارين عن طريفِها وتليدِها.
{وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا} فرحَ الأغنياءِ بزكاءِ أموالِهم، وفرحَ الفقراءِ بصفاءِ أحوالِهم.
{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ}؛ أي: قليلٌ بالإضافةِ إلى متاعِ الآخرةِ، فأموال الأغنياء وإنْ كَثُرَتْ قليلةٌ بالإضافةِ إلى ما وعدَ لهم مِن شهودِ جماله وجلالِه (٢).
* * *
(٢٧) - {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ}.
وقوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ}: أي: يقول عبدُ اللَّهِ بنُ أبيٍّ وأميَّةُ وأصحابُه: لولا أُنزِلَ عليه آيةٌ مِن ربِّه، وهي آيةٌ كانوا يقترحونَها.
وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ} مع ظهور الآيات {وَيَهْدِي إِلَيْهِ} مَن يشاءُ (٣) مع غموضِ الآيات، فهو الهادي والمضلُّ، فيهدي {مَنْ أَنَابَ} إليه؛ أي: رجعَ إليه (٤)، وانقطعَ بعملِه إليه؛ أي: يهدي مَن علمَ منه اختيارَ الهدى والرُّجوع إليه تعالى.
* * *
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٥١٦).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٢٢٩).
(٣) في (ف): "أناب ".
(٤) في (أ) و (ف): "إلى اللَّه".