فعلى قولِ مَن قالَ: هذا السُّورة مكيَّةٌ، فتأويلُه: ولا يزالُ هؤلاء المشركون يصيبهم بكفرِهم واقتراحِهم داهيةٌ مهلكةٌ مِن صاعقةٍ، كما أصابَتْ أربدَ ونحوَ ذلك، وكما أصابَتِ المشركين (١) بمكَّة على ما تأتي قصَّتُه إن شاء اللَّه تعالى، أو تحلُّ أنت يا محمَّد قريبًا مِن دارهِم، تخرجُ مِن المدينةِ وتنزل قريبًا من دارهِم، فيخافون، حتَّى يأتيَ أمرُ اللَّهِ بالقتالِ.
وعلى قولِ مَن قال: هي مدنيَّة، فالقارعةُ: السَّريَّةُ مِن سرايا رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تأتي مكَّة، أو تحلُّ القارعةُ قريبًا مِن دارهِم حول مكَّة، والتَّاء (٢) في هذا للتَّأنيث، وفي الأوَّل للخطاب {حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ}: فتحُ مكَّة، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}.
وقيل: {حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ}: إظهار دينِه على الأديانِ كلِّها.
وقيل: حتَّى يأتي يومُ القيامةِ.
والقارعةُ: مِن القَرْعِ، وأصلُه: الضَّربُ بشدَّةٍ كقَرْعِ البابِ، والضَّرْبُ بالمِقْرَعَةِ، والقارعةُ اسمٌ للقيامةِ لقرعِها القلوب.
* * *
(٣٢) - {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ}.
وقوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا}: وهذه تسليةٌ للنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(١) في (أ): "المستهزئين".
(٢) أي: التاء في {تَحُلُّ}.