{تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا}: أي: هذه عاقبة المتَّقين {وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ}: هذا ظاهر.
* * *
(٣٦) - {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ}.
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ}؛ أي: وأهل الكتاب الَّذين أسلموا {يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}؛ أي: بالقرآنِ؛ لموافقةِ كتابِهم في ذِكْرِ الرَّحمنِ.
{وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ}: قال مقاتلٌ: يعني: بني المغيرة وبني أميَّة وآلَ أبي طلحة بن عبد العُزَّى، قالوا: ما نعرفُ الرَّحمن إلَّا مسيلمة (١).
وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: إنَّ مؤمِني اليهود أتَوا النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالوا: يا رسول اللَّه، ذِكرُ الرَّحمنِ في التَّوراةِ كثيرٌ، ولسْنَا نرى ذلك في القرآنِ، فأنزل اللَّه تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} الإسراء: ١١٠، الآية، فقال مشركو مكَّة: كان محمَّدٌ يدعونا إلى إلهٍ واحدٍ، والآن يدعونا إلى إلهَيْنِ اثنَيْنِ، فأنكروا اسم الرَّحمن، فأنزلَ اللَّهُ تعالى: {وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ} (٢).
وقيل: فرحَ أهلُ الكتابِ به لموافقتِه كتابَهم في كلِّ شيءٍ، والأحزابُ ينكرونَ بعضَه لأنَّهم يقولون: الخالقُ هو اللَّهُ، ثمَّ يشركون بهِ غيرَه.
وقال ابنُ عبَّاسٍ في روايةٍ: إنَّ اليهودَ آمنوا بسورةِ يوسف لوفاقِها ما في التَّوراة مِن قصَّةِ يوسفَ، ثمَّ أنكروا جميعَ القرآنِ سوى قصَّةِ يوسفَ (٣).
(١) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٣٨٢)، وفيه: "أنكروا الرحمن، والبعث، ومحمدًا عليه الصلاة والسلام" بدل "قالوا: ما نعرف الرحمن إلا مسيلمة".
(٢) ذكره الواحدي في "البسيط" (١٢/ ٣٧٤)، وروى نحوه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ١٢٣).
(٣) ذكره السمرقندي في "تفسيره" (٢/ ١٨٠)، وروى نحوه البيهقي في "دلائل النبوة" (٦/ ٢٧٦).