وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ}: ثمَّ عاد الكلامُ إلى ذِكْرِ ما التَمسوا مِن الآياتِ قال: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ} (١).
{وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً}؛ أي: زوجاتٍ وأولادًا؛ أي: كان سبيلُهم كسبيلِ غيرِهِم مِن البشرِ، ينكحونَ ويُوْلَدُ لهم، ويقضونَ ما أحلَّ اللَّهُ لهم مِن الشَّهوات، لم يفارقوا غيرهم إلَّا في الرِّسالة.
وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}: أي: لم يكنْ في وُسْعِهم الإتيان بآيةٍ إلَّا بإيتاءِ اللَّهِ تعالى.
وقوله تعالى: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ}: أي: لكلِّ شيءٍ وقتٌ وقد قدَّرَهْ اللَّهُ فيه، فالآياتُ الَّتي التمسوها إنَّما تكون في الوقتِ الذي أجَّله اللَّه لها، لا على اقتراحِهم.
وقيل: إنَّ الآيةَ نزلَتْ في اليهودِ حينَ عيَّرَتْ (٢) رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقالوا: لا نرى له همَّة إلَّا النِّساء والنِّكاح، فأنزلَ اللَّهُ هذه الآية (٣).
وقد كانَ لداودَ عليه السَّلام مئةُ امرأةٍ مهرلَّة، وثلاثُ مئة سُرِّيَّة، وكان لسليمان عليه السلام ثلاثُ مئةِ مهريَّة، وسبعُ مئة سُرِّيَّة، ولك يا محمَّد تسع نسوهٍ، فما لهم لا يعيبونهما ويعيبونك.
* * *
(٣٩) - {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}.
(١) في (ف): "ثم عاد الكلام إذا ما ذكروا قال ولقد أرسلنا رسلًا من قبلك"، وليست في (ر).
(٢) في (ر): "عابت".
(٣) ذكره الواحدي في "البسيط" (١٢/ ٣٧٥) عن الكلبي، وروى نحوه الطبري في "تفسيره" (٧/ ١٥٦)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٩٧٨)، في سبب نزول قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ} النساء: ٥٤.