(٣٣) - {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ}.
وقوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ}: أي: مُتَّصلَيِ السَّير، كأنَّهما يدأَبان -أي: يجتهدان- في ذلكَ لئلَّا يَخرجا عن أمرِ اللَّهِ.
قال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: دأبُهما في طاعةِ اللَّهِ تعالى: أنَّهما سُخِّرا على صورةِ مَن أُمِرَ بشيءٍ فأدأبَ نفسَه في طاعةِ آمرِه (١).
{وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ}: يتعاقبان لمصالحِكُم.
* * *
(٣٤) - {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}.
{وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ}: قراءةُ العامَّةِ بغير تنوينٍ على الإضافةِ، وقرأ المنذرُ بن سلام مِن قرَّاء البصرةِ والحسنُ والضَّحَّاكُ: (مِنْ كُلٍّ) بالتَّنوين (٢).
معنى القراءة الأولى: أعطاكم مِن كلِّ شيءٍ سألتُموه، وهو للتَّكثير لا لاستغراقِ الجنس، كما يُقال: اشتريْتُ في السُّوق كلَّ شيءٍ، وقولهِ تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} الأحقاف: ٢٥، {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} النمل: ٢٣، {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} الأنعام: ٤٤.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٦٨٢).
(٢) وهي قراءة شاذة، ذكرها ابن خالويه في "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٧٣) عن ابن عباس والحسن وجعفر بن محمد وسلام بن منذر، وذكرها ابن جني في "المحتسب" (١/ ٣٦٣) عن ابن عباس والحسن والضحاك ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وعمرو بن فائد ويعقوب.