وقيل: أرضٌ بيضاءُ نقيَّةٌ، لم يُسفَكْ عليها دمٌ، ولم يُعمَلْ عليها بالمعاصي (١).
وقال الإمامُ أبو منصورٍ رحمَه اللَّهُ: يحتملُ هذا وجهَيْن: تبديلُ أهلِها، وتبديلُ عينِها.
وإضمارُ الأهل جائزٌ كما في قوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} يوسف: ٨٢، وتبديلُ أهلِها أنْ يكونوا كلُّهم مستسلمينَ خاضعينَ في ذلك اليوم، ولم يكونوا كذلك.
والثَّاني: أنَّ الأولياءَ يكونون في النَّعيم المقيم، والأعداءَ في العذاب الأليم.
وتبديلُ عينِها بما قلْنَا مِنَ الأرضِ البيضاءِ.
والثَّاني: تغييرُ أوصافِها، وهي على الأحوال، ولأنَّ أرضَ الجنَّةِ مسكٌ وزعفران، وأرضَ جهنَّمَ نارٌ وجمر (٢).
وقوله تعالى: {وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}: أي: خرجُوا مِن قبورِهم لمحاسبةِ اللَّهِ الواحدِ الذي لا إلهَ غيرُه، القهَّارِ الذي لا يُعترضُ عليه فيما يريدُه.
* * *
(٤٩) - {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ}.
وقوله تعالى: {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ}: أي: هؤلاء الظالمين المشركين {يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ}: قُرِنَتْ أيدِيْهم بالغُلِّ إلى أعناقِهم.
وقال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: قُرِنوا بالشَّياطين في الأغلال والسَّلاسل (٣).
(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (١٤٢٤) عن عمرو بن ميمون، ورواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٧٣٠ - ٧٣١) عن ابن مسعود رضي اللَّه عنه، وعن عمرو بن ميمون.
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٤١٥). والكلام فيه بنحوه.
(٣) انظر: "تنوير المقباس" للفيروزآبادي (ص: ٢١٥). وروى الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٧٤١) عنه قوله: {مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ} يقول: في وثاق.