وقوله تعالى: {عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ}؛ أي: أضيافه، فقد قال: {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ}، وصيغتُه صيغةُ المصدرِ، فصلح للجمع.
والضَّيفُ: هو النَّازلُ على غيرِه، طَعِمَ عندَه أو لم يطعَم، نزلَ للطُّعم أو لغيره.
* * *
(٥٢) - {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ}.
يقولُ: خبِّرهم عن ضيفِ إبراهيم، وهم الملائكة الَّذين أُرسِلُوا لإهلاكِ قوم لوط {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا}: أي: سلَّموا عليه سلامًا.
قوله تعالى: {قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ}؛ أي: قال إبراهيم: إنَّا منكم خائفون.
قال هذا بعدَما ردَّ عليهم السَّلام وقدَّمَ العجل إليهم فلم يتناولوه، فخافَهم على نفسِه حيثُ لم يتحرَّموا بطعامِه.
ودليلُ هذا الإضمار قوله تعالى في سورة أخرى: {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} هود: ٧٠.
ولا يُقال: ذكرَ في (سورة الذاريات): {فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} الذاريات: ٢٥، ثمَّ ذكر تقديم العجلِ بعد الإنكار: {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} الذاريات: ٢٦.
لأنَّا نقول: ذاك إنكارُ المعرفة؛ أي: لا أعرِفُكم، لا إنكارُ الخيفةِ.
* * *
(٥٣ - ٥٤) - {قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (٥٣) قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ}.