وقوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}: أي: في الآخرة {عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} من الاقتسامِ، وتعضيةِ القرآنِ، والشِّركِ والمعاصي، وهو سؤالُ تقريعٍ وتوبيخٍ لا سؤالُ استفهامٍ واستعلام.
وقال القشيريُّ: يسألُ قومًا عن تصحيحِ أعمالِهم، وقومًا عن تصحيح أحوالهم.
يسألُ قومًا عن حركات ظواهرِهم، وآخرين عن خَطَراتِ سرائرِهم.
يسألُ الصِّدِّيقين (١) عن تصحيحِ المعاني تشريفًا لهم، ويسألُ المدَّعين عن تصحيح الدَّعاوي تعنيفًا لهم (٢).
* * *
(٩٤) - {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}.
وقوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}: قيل: أي: أَظْهِرْ ما تُؤْمَرُ به.
والصَّدْعُ في اللُّغةِ: هو الشَّقُّ والفَرْقُ والفَتْحُ، وتصدَّعَ القومُ؛ أي: تفرَّقوا، ويقع به الإظهار.
وقيل: أي: فرِّقِ الباطلَ بالحقِّ؛ أي: الَّذي أنزلناه (٣) عليك، والشَّقُّ يقعُ به ذلك.
وقيل: أي: امضِ بما تُؤْمَر؛ أي: بأمرِ اللَّهِ، وأرادَ به تبليغَ (٤) الرِّسالة إلى جميعِ الخَلْقِ، ومتى شُقَّ الحائل تهيَّأ المضيُّ.
(١) في (ف): "المتقين".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٢٨٢).
(٣) في (أ): "أنزلته".
(٤) في (أ): "أي امض بأمر اللَّه وإرادته بتبليغ".