كذا، فيقال: لا جرمَ أنَّهم سيندمون، فالمعنى على هذا: حقًّا إنَّ لهم النَّار (١).
وقيل: {لَا} ردّ لكلامِهم، {جَرَمَ} بمعنى: حقَّ ووجبَ.
وقيل: {جَرَمَ}؛ أي: كَسَبَ، كقولِه: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ} المائدة: ٢؛ أي: كَسَبَ فعلُهم لهم {أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ}: أي: علِمَها منهم، فأعدَّ لهم جزاءَها.
{إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ}: أي: المتعظِّمين عن الانقياد للرُّسل.
* * *
(٢٤) - {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}.
وقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ}: أي: من الوعيد؛ أي: إذا ذكِرَ لهم أنَّ ربَّكم أنزل فيكم الوعيد، فكيف تصنعون إذا حلَّ ذلك (٢) بكم؟
{قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}: أي: هي أساطير الأوَّلين، هم سطروها، لا أنَّ اللَّهَ أنزلها، ولهذا رفع قولَه: {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}؛ لأنَّهم لم يقرُّوا بإنزالها، فلم يكن فعلُ الإنزال واقعًا عليها على زعمِهم، بل ابتدؤوا بذلك وصفَه.
* * *
(٢٥) - {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}.
(١) ذكره الماوردي في "تفسيره" (٥/ ١٥٨)، وابن سيده في "المحكم" (٧/ ٤١٣) (مادة: جرم). وفي "العين" المنسوب للخليل (٦/ ١١٩) الكلام فيه مختصر، ولفظه: لا جَرَمَ يَجري مَجرَى لا بدَّ، ويُفسَّر: حقًا.
(٢) "ذلك" ليس في (أ).