وقيل: أي: أنزل (١) الشَّرائع ومكارم الأخلاق.
ونُصب {خَيْرًا} لو قوع فعل الإنزال عليه، وفي الأوَّل {قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} بالرَّفع؛ لأنَّهم لم يقرُّوا بالإنزال، بل قالوا: هي أساطيرُ الأوَّلين.
وقوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ}: اختلفوا: أنَّه قول هؤلاء، أو ابتداءُ كلامٍ مِن اللَّه؟ فأجاز الحسنُ فيه الوجهين، وكذلك الزَّجاج (٢).
والأظهرُ أنَّه كلامُ اللَّه تعالى؛ لأنَّه أبلغُ في الدُّعاء إلى الإحسان، ولأنَّه إذا لم يقم الدَّليل القاطع أنَّه حكايةٌ عنهم فهو من كلام اللَّه تعالى.
ثم معناه: للمحسنين حسنةٌ في الدُّنيا، وهي التَّوفيق والعصمة، والنَّجاة من العذاب المعجَّل النَّازل بالمشركين.
قوله تعالى: {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ}: أي: ولدار الحياة الآخرة أو النَّشأة الآخرة خيرٌ لهم ممَّا أصابوه في الدُّنيا.
{وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ}: اللَّام للقسم، و (نِعْمَ) كلمة مدح، فنِعْمَ الدَّارُ الجنَّةُ؛ إذ لا خوفَ فيها ولا حزن، ونعيمُها مقيمٌ، ومُلكها دائمٌ، وصاحبُها فيها خالدٌ.
* * *
(٣١ - ٣٢) - {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (٣١) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.
(١) في (ر) و (ف): "إنزال".
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٣/ ١٩٦).