فقال عمرُ رضي اللَّه عنه: يا أيُّها النَّاس، عليكم بديوانكم لا تضلُّوا، قالوا: وما ديوانُنا؟ قال: شعر الجاهليَّة، فإنَّ فيه تفسيرَ كتابِكم ومعاني كلامِكم (١).
وذكر أبان بن تغلب عن ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما قال: كنْتُ أقرؤها ولا أعرفها، حتَّى شكا أعرابيٌّ أخًا له فقال: إنَّ أباه هلكَ وترك إبلًا، فما زال يتخوَّفها بعيرًا بعيرًا حتَّى أذهبها. فعلمْتُ أنَّه التَّنقُّص (٢).
وهو قولُ مجاهد وقتادة والضَّحاك وابن زيد، أنَّ معناه: على تنقُّصٍ، ومعناه: أنَّه يأخذ الأوَّل فالأوَّل حتَّى لا يبقى منهم أحد، ولأنَّه حالةٌ يُخاف منها الهلاك والفناء (٣).
وقال الحسنُ: يُهلكُ القريةَ، فتخافُ قريةٌ أخرى (٤).
وقيل: هو كقوله: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} الأنبياء: ٤٤، فمعنى قوله {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ}؛ أي: تنقُّصٍ من نواحيهم وأطرافهم حتَّى يعمَّ الهلاكُ جميعَهم بعضَهم على إثرِ بعض، ومعناه: أنَّه لا يعاجلهم، بل يأخذ القُرى التي حولَهم، حَّتى يَخْلصَ الأمرُ إليهم فيهلكَهم.
وقيل: معناه: يأخذهم بتنقُّص (٥) أموالهم وأنفسهم، دونَ العذاب المستأصل.
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٦/ ١٩)، والواحدي في "البسيط" (١/ ٤٠١)، والزمخشري في "الكشاف" (٢/ ٦٠٨)، وذكره القسطلاني في "إرشاد الساري" (٧/ ١٩٦) وقال: (إسناد فيه مجهول). وقد رواه الطبري بنحوه دون الشعر في "تفسيره" (١٤/ ٢٣٦) من طريق رجل عن عمر.
(٢) لم أقف عليه. لكن روى الطبري في "تفسيره" (١٤/ ٢٣٧) عن ابن عباس قوله: {عَلَى تَخَوُّفٍ}: التنقص والتقريع.
(٣) رواه عنهم الطبري في "تفسيره" (١٤/ ٢٣٧ - ٢٣٨).
(٤) ذكره الماوردي في "تفسيره" (٣/ ١٩٠).
(٥) في (أ): "بنقص"، وفي (ف): "بتنقيص".