والعلمُ مأمورٌ به في كلِّ المَواطن (١)، وهو علمُ الإنسانِ بحدوث نفسِه، وقِدَمِ محدِثِه، بصفات جلاله، ثم العلومُ الدينيَّة على حسب مراتبها.
وأما الإحسان في الفعل، فالحسنُ من أفعالنا ما أمرَ اللَّهُ به، وأذنَ لنا فيه، وحكم بمدح فاعله، وجعل في كلِّ عقلٍ حُسنَه.
والإحسانُ أيضًا: أن تقومَ بكلِّ حقٍّ وجبَ عليك، حتى لو كان طيرٌ في ملكك لا تقصِّر في تعهُّده (٢).
* * *
(٩١) - {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}.
وقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ}: أي: اثْبُتوا على ما عاهدْتُم اللَّهَ عليه وبايعْتُم به رسولَه بالأيمان التي تحلفون بها.
{وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ}: أي: لا (٣) تنكثوها بالحِنْثِ {بَعْدَ تَوْكِيدِهَا}؛ أي: بعد إحكامِ عقدِها على أنفسكم.
{وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا}: فإنَّ مَن حلفَ باللَّه ليفعلَنَّ كذا، أو لا يفعلُ كذا؛ فقد منعَ نفسَه عن الخلافِ بذكرِ اسمِ اللَّه تعالى؛ مهابةَ أن يهتكَه، فكأنَّه جعلَ تعليقه ذلك بحقِّه كفيلًا إقامةً على نفسه بإلزامِه البِرَّ فيه (٤)، كالذي أقامَ على نفسِه
(١) "في كل المواطن" ليس في (أ).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٣١٤ - ٣١٥)، وليس فيه قول علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه.
(٣) "لا" من (ف).
(٤) في (ر) و (ف): "بإلزامه التوفية".