وإنَّ السالكَ إذا وقعَتْ له فترةٌ، والمريدَ إذا حصلَتْ له في الطَّريق وقفةٌ، والعارفَ إذا حصلَتْ له حجبةٌ، والمحبَّ إذا استقبلَتْه فُرقةٌ = فهي محنٌ عظيمة، ومصائبُ فجيعة (١).
* * *
(٩٣) - {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.
وقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}: أي: على ملَّة واحدة، وهي الإسلام.
{وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}: مَن علمَ منه اختيارَ الضَّلال أضلَّه، ومَن علمَ منه اختيارَ الهداية هداه.
وقوله تعالى: {وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}: يوم القيامة، فتُجزَون به.
وقال القشيريُّ رحمه اللَّه: لو شاء اللَّه سعادتهم لرحمهم، وعن المعاصي عصمهم، ودوامَ ذكرِه ألهمهم، ولكن سبقَتِ القسمةُ فجاءت القسوة والغيبة (٢).
وما أحسنَ ما قالوا:
شكا إليكَ ما وَجَدْ... مَنْ خانَهُ فيك الجَلَدْ
حيرانُ لو شِئْتَ اهتَدَى... ظمآنُ لو شِئْتَ وَرَدْ (٣)
(١) في (ر): "لحقته شديدة"، وفي (ف): "لحقته". انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٣١٥ - ٣١٦).
(٢) في (ر): "فجاءت العسرة"، وفي (ف): "فجاءت العسرة والغيبة". وليست العبارة في مطبوع "اللطائف".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٣١٧). والبيتان نسبا لهبة اللَّه بن المنجم، كما في "يتيمة الدهر" (٣/ ٤٥٤)، و"الإعجاز والإيجاز" (ص: ٢٠٣)، و"خاص الخاص" (ص: ١٧٨) ثلاثتها للثعلبي. =