معارفكم ومحابِّكم آثار متعاقبة، وصفات متناوبة، أعيانُها غير باقية، وإن كانت أحكامها غير باطلة، والذي هو وصف الحقِّ من رحمته بكم ومحبَّته لكم وثنائه عليكم فصفات أزليَّة، ونعوت سرمديَّة (١).
وقال في قوله: {وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}: جزاء الصَّبر الفوزُ بالطلبة (٢) والظَّفر بالبُغية، والطَّلبات مختلفة (٣).
* * *
(٩٧) - {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
وقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}: يتَّصلُ بقوله: {أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ}.
نبَّههم على أنَّ التَّوسُّع في الدُّنيا ليس يحصل به في الحقيقة طيبُ عيشٍ إلَّا للمؤمنين؛ لئلا يدعوهم الطَّمعُ في المال إلى نقض العهد، ثم العملُ الصَّالح لا يكون من غير المؤمن، وإنَّما أراد بقوله: {وَهُوَ مُؤْمِنٌ}: بيانًا أنَّ معناه: مَن عمل صالحًا في الحال وهو مؤمن في المآل؛ لأنَّ اعتبار (٤) صفاء الحال بوفاء المآل، والأمور بخواتيمها.
قال القشيريُّ: {وَهُوَ مُؤْمِنٌ}؛ أي: مصدِّق بأنَّ عملَه الصَّالح بتوفيق اللَّه تعالى (٥).
(١) في (ف): "فصفات أزليته ونعوت سرمديته".
(٢) في (أ): "بالطيبة".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٣١٨ - ٣١٩).
(٤) في (ف): "الاعتبار".
(٥) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٣١٩).