فيصدِّقوا بالنَّاسخ كتصديقهم بالمنسوخ، ويعتقدوا أنَّ الكلَّ حقٌّ في وقته، فيوفِّقَهم اللَّهُ للثَّبات على الإيمان، وليكونَ ما ينزِّله هدًى للمؤمنين إلى طريق الحقِّ، وبشارةً بالجنَّة إذ عملوا بالطَّاعة في الحالين.
* * *
(١٠٣) - {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ}.
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ}: يقول اللَّه تعالى: لا يخفى علينا قولهم: إنَّما يعلِّم محمَّدًا هذا المتلوَّ بشرٌ.
قيل: أرادوا به جَبْرًا، وقيل: يسارًا (١)، وكانا غلامين لابن الحضرميِّ يهوديَّين.
قال أبو رَوْق عن الضَّحاك: نزلَتْ في عبيدٍ لأهل مكَّة، منهم يعيش وسلمان وجبر ويسار. (٢)
وقال السُّدِّيُّ: كان بمكَّة رجلٌ نصرانيٌّ يقال له: أبو ميسرة، يتكلَّم بالروميَّة، فربَّما يقعد إليه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣).
وقيل: هو نصرانيٌّ حدَّاد بمكَّة يُسمَّى: بلعام؛ روى مجاهدٌ عن ابن عبَّاس
(١) عبدان نصرانيان كانا يصنعان السيوف بمكة، وكانا يقرأان الإنجيل. روى القصة بذلك الطبري في "التفسير" (١٤/ ٣٦٧ - ٣٦٨)، والبيهقي في "الشعب" (١٣٨)، عن عبد اللَّه بن مسلم الحضرمي: (أنه كان لهم عبدان من أهل عين التمر، وكانا صيقلين، وكان يُقال لأحدهما يسار، والآخر جبر. . .).
(٢) لم أقف عليه هكذا، لكن روى الطبري في "تفسيره" (١٤/ ٣٦٨) عن الضحاك في قوله: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ}: كانوا يقولون: إنما يعلمه سلمان الفارسي.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٦/ ٤٤).