(١١٢) - {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}.
وقوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً}: لَمَّا عذَّبَ أهلُ مكَّة المسلمين، وأكرهوهم على الكفر على ما ذكرنا، دعا النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في قنوت الفجر عليهم فقال: "اللَّهمَّ اشدُدْ وطأتك على مضر، وخذهم بسنين كسني يوسف" (١).
فابتلاهم اللَّه بالسِّنين حتى أكلوا العِلْهِز، وهو الوبرُ يُخلَط بالدَّم والقُرَاد ثمَّ يُؤكَل، فذكر اللَّه تعالى ذلك فقال: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا}؛ أي: بيَّنَ اللَّهُ شبَهًا لمكَّةَ وأهلِها {قَرْيَةً} بدلًا عن {مَثَلًا}؛ أي: وصفَ وبيَّن قريةً، وهي مكَّة.
{كَانَتْ آمِنَةً}: لا يخافُ أهلُها {مُطْمَئِنَّةً}: ساكنة، لا يحتاجون إلى الانتقال عنها.
{يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ}: أي: تُحمَل إليها الأطعمةُ والثِّمار من كلِّ مكان بالبلاد (٢).
{فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ}: أي: كفرَ أهلُها نعمَ اللَّه.
قيل: الأنْعُمُ: جمع نُعْمى بالضَّم، كالبُؤْسى والأبؤس.
وقيل: جمع نِعمة، كالأَشُدِّ جمع الشِّدة.
وقيل: جمع النَّعماء، كالأَبْؤُس جمع البأساء.
(١) تقدم تخريجه قريبًا.
(٢) في (أ) و (ف): "من البلاد".