المجادلة لا يخفى عليه مقاصدهما فيها، فإذا أَلزَمْتَ (١) فاكتفِ به، واضبط نفسك عن المقابلة بالمخاشنة.
وقيل: نزلَتْ هذه الآية قبل نزول الأمر بالقتال، ونُسخَتْ بآية السَّيف.
* * *
(١٢٦) - {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}.
وقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}: قيل: الأوَّل خطابٌ للنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على الخصوص، وهذا خطاب لأمَّته، وإباحةٌ لهم بالمكافأة على المساواة، والأول أمرٌ بالتَّفضُّل المحضِ.
ومعناه: إذا قال لكم الخصم: دينُكُم باطلٌ، فقولوا: بل دينُكُم باطل.
{وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ} فلم تجيبوا {لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} من المكافأة بالمثل.
* * *
(١٢٧) - {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ}.
{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ}: هذا خطاب للنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على الإفراد، وهو تأكيدُ الأمر الأوَّل بالمجادلة بالتي هي أحسن.
وقوله تعالى: {إِلَّا بِاللَّهِ}؛ أي: بتوفيق اللَّه، ويحتمِل أن يكون قوله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ} خطابًا له ولهم جميعًا، والإفراد في قوله: {ادْعُ} {وَجَادِلْهُمْ} لِمَا أنَّه هو المخصوصُ بالأمر بالدَّعوة إلى الدِّين والجدال عليه.
(١) أي: حججت الخصم وألزمته الحق. ووقع في (أ): "أكرمت".